تحصينات وصواريخ.. إيران تقود إعادة هيكلة المليشيا وبناء ترسانة جديدة

  • هاشم علي، الساحل الغربي:
  • قبل 5 ساعة و 3 دقيقة

في الربع الأخير من العام 2025، سعت مليشيا الحوثي إلى إعادة تأهيل قدراتها العسكرية من خلال تكثيف الدورات التدريبية في عدد من المناطق والمحافظات المنكوبة، لا سيما الحديدة وتعز، إضافة إلى إنشاء معسكرات جديدة وبناء تحصينات عسكرية ونقل معدات ثقيلة وأسلحة متوسطة.
 
تأتي هذه التحركات بالتوازي مع تحشيدات واسعة في عدة جبهات ومحاولات متكررة للتسلل واختبار جاهزية الجيش الحكومي في جبهات أخرى، في مؤشر على استراتيجية ممنهجة لتعزيز القوة القتالية لدى المليشيا.
 
يؤكد خبراء عسكريون أن هذه التحركات تعكس تخطيطًا بعيد المدى تهدف المليشيا من خلاله إلى تعويض الخسائر البشرية السابقة وضمان استمرارها كفاعل مسلح قادر على التأثير في الساحة اليمنية والإقليمية على حد سواء، مشيرين إلى أن المليشيا قد تشن معركة عسكرية في أي وقت. 
 
إعادة تأهيل
دعم إيراني شامل 
تطوير القدرة القتالية
 
على المستوى العسكري، تلعب إيران دورًا محوريًا في إعادة تأهيل قدرات مليشيا الحوثي، خاصة بعد الخسائر الميدانية الأخيرة، وبحسب مراقبين فإن هذا الدور يتمثل في تزويد الجماعة بأسلحة وذخائر متطورة أو معدلة محليًا، إلى جانب تدريب عناصر مختارة على التكتيكات الحديثة في الحرب، سواء في المدن أو المرتفعات الجبلية.
 
وتشمل جهود طهران أيضًا تطوير أساليب الانتشار والتمويه، عبر نقل منصات الإطلاق إلى مناطق جبلية وعرة أو قرى نائية، مع توزيع المخازن العسكرية بشكل لامركزي لتقليل الخسائر المحتملة.
 
إلى جانب الدعم العسكري، تلعب إيران دورًا مؤثرًا في إعادة صياغة الخطاب الإعلامي والدعائي للحوثيين؛ فبعد تراجع تأثير ورقة "نصرة غزة"، ساعدت الخبرات الإيرانية المليشيا على إنتاج خطاب تعبوي جديد يركز على الإنجازات الجزئية في الجبهات، وتصوير الحوثيين كمقاومة صامدة، مع تعزيز الشعارات الدينية لجذب الدعم الشعبي الداخلي، لا سيما بين الشباب والمجتمعات المتأثرة مباشرة بالاحتكاك العسكري اليومي.
 
كما يشمل الدعم الإيراني البعد اللوجستي المعقد، من خلال شبكات تهريب محلية وإقليمية تنقل العتاد العسكري والذخائر إلى مواقع التخزين المختلفة، مستفيدة من التضاريس الوعرة وصعوبة الوصول إلى المناطق الداخلية للجماعة.. هذا الدعم يتيح تحويل الجبهات الهادئة ظاهريًا إلى نقاط قوة استراتيجية في أي تصعيد محتمل وفق خبراء.
 
وبشكل عام، تعكس هذه التطورات أن إيران لا ترى الحوثيين كفصيل محلي محدود التأثير، بل كأداة استراتيجية متكاملة ضمن حساباتها الإقليمية؛ إذ يمتد الدعم الإيراني ليشمل التأثير العسكري والإعلامي والسياسي، بما يعزز قدرة المليشيا على الاستمرار كورقة ضغط سياسية وعسكرية قادرة على التأثير في القرارات الدولية والإقليمية المتعلقة باليمن والمنطقة.
 
تدريب القيادات 
هيكلة قدرات الحوثيين
 
يقول مراقبون إن إيران تعمل منذ أشهر على إعادة هيكلة القدرات العسكرية للحوثيين بعد تدمير مخازن أسلحة ومواقع إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة في مناطق عدة، وتشمل جهود طهران في إعادة تزويد مليشيا الحوثي بأسلحة بديلة وتقنيات منخفضة الكلفة، مثل الطائرات المسيّرة صغيرة الحجم والصواريخ دقيقة التوجيه المعدلة محليًا.
 
وبحسب مصادر خاصة تحدثت لـ"الساحل الغربي" فإن إيران استقدمت دفعة جديدة من قيادات الحوثيين بهدف تنظيم برامج تدريبية مكثفة للعناصر المختارة، داخل اليمن وخارجه، تحت إشراف خبراء عسكريين من الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى مستشارين مرتبطين بجماعات مسلحة إقليمية موالية لإيران.
 
وتوضح المصادر أن هذا التدريب يشمل تطوير مهارات التخطيط العملياتي، واستخدام الأسلحة المتقدمة، وإدارة خطوط الإمداد واللوجستيات في بيئات قتالية متنوعة، سواء في المدن أو المرتفعات الجبلية.
 
وتؤكد المصادر أن هذه البرامج لا تقتصر على التدريب العسكري التقليدي، بل تشمل التكتيكات، والهجمات الدقيقة باستخدام الطائرات المسيّرة، والتخطيط لعمليات نوعية على الجبهات الحساسة.. كما يتضمن التدريب أساليب التمويه والحماية للمخازن العسكرية ومواقع إطلاق الصواريخ.
 
وبحسب محللين عسكريين، فإن هذه الخطوة تمثل مرحلة متقدمة في إعادة هيكلة الحوثيين كقوة قادرة على التعويض السريع عن أي خسائر ميدانية، وتعكس استراتيجية إيرانية طويلة المدى لبناء عنصر بشري مؤهل قادر على إدارة عمليات عسكرية معقدة، وتطبيق تكتيكات الحروب غير التقليدية.
 
منصات صواريخ
تحشيد عسكري واسع
 
في تطور ميداني خطير، نصبت مليشيا الحوثي في مديرية السياني جنوب محافظة إب، منصات إطلاق صواريخ جديدة في المرتفعات الجبلية، مصحوبة بدوي انفجارات متكررة سمعها السكان خلال الأيام الماضية، ما أدى إلى حالة من الرعب والهلع بين المدنيين، لا سيما النساء والأطفال.
 
وبحسب المصادر فإن المليشيا أقامت منصة أخرى في جبل المهلالة، فيما تستمر في حفر أنفاق وحفريات جديدة في مناطق عدة، أبرزها جبل الحيزم بمنطقة ذي إشراق؛ وأكد مواطنون أن أصوات الانفجارات تتزامن مع انتشارات مكثفة لأطقم وعناصر الجماعة في مواقع التفجيرات، فيما تمنع الأهالي من الاقتراب أو الاطلاع على أسباب هذه الأعمال العسكرية.
 
وحذر مراقبون من أن توسيع مواقع الصواريخ وحفر الأنفاق يشكل تهديدًا أمنيًا مباشرًا، بالإضافة إلى الأبعاد الإنسانية، حيث تعرض المدنيين للخطر وتخلق بيئة من الترهيب والقمع.
 
وعلى صعيد الجبهات، بدأت المليشيا إنشاء خط دفاعي متكامل في المرتفعات الاستراتيجية شرق منطقة القاعدة، على الحدود الإدارية بين محافظتي إب وتعز، يشمل هذا التحصين مرابض مدفعية، تحصينات هندسية، ومواقع متقدمة لاستيعاب الأسلحة المتوسطة والثقيلة، في محاولة لتعزيز السيطرة الميدانية وضمان العمق الاستراتيجي للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
 
كما شملت التحركات خمس جبهات حاسمة في محيط مدينة تعز، حيث دفعت المليشيا بتعزيزات كبيرة تضم عناصر من خارج المحافظة وآليات ومعدات عسكرية نحو جبهات مقبنة، هجدة، الرمادة، الربيعي، والقطاعات الغربية والشمالية والشرقية، إلى جانب تعزيزات مماثلة وصلت إلى جبهة حيفان.
 
وفي الوقت ذاته، أفادت تقارير ميدانية عن عمليات حشد موازية في جبهات الساحل الغربي، مع إعادة تموضع قوات واستقدام تعزيزات بشرية وعسكرية إلى خطوط التماس.. وفي تعليق على هذه التطورات، أكد نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الفريق طارق صالح، أن التحشيد الحوثي، يستدعي رفع مستوى الجاهزية وتعزيز التنسيق بين القوات لمواجهة التهديد المشترك.

ذات صلة