فاطمة.. راعية أغنام أفقدها لغم حوثي ساقها وجعلها تعيش نصف حياة – (قصة إنسانية)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/06/05

منبر المقاومة، فيصل الشارحي:عندما كانت فاطمة ترعى الأغنام مع ابيها في منطقة ريفية تدعى مقبنة غرب مدينة تعز عام 2018 لم تستوعب ما حدث لها وكل ما سمعته هو صوت إنفجار ضخم رمى بها في الهواء وعلت بجانبيها الأدخنة والغبار المتصاعد في الهواء.
 
ومع استعادتها وعيها، رأت إحدى قدميها قد اختفت، أما الأخرى فأصبحت عظامًا مهشما ولحما ممزقا غرست فيه مئات الشضايا، فيما بتر نصف كفها الأيسر واخذ ينزف بغزارة.أسرع والدها نحوها وهو ينظر إليها بفزع، وكان يصرخ طالبا النجدة، بعد ان شاهد أبنته تغرق في دمائها، لكن أحدا لم يستجب لندائه، فقد كان الأهالي يتجنبون تلك المنطقة عن عمد لما تحمله من نذر الموت أما فاطمة ذات الثلاثين عاما فقد ادركت أنها داست على لغم حوثي.ولساعتين، حملها والدها على ظهره في طريق جبلي متعرج، وهي تنزف الدماء، وكانت تفقد وعيها كثيرا إلى حد أن أباها اعتقد أنها لن تبقى على قيد الحياة وحتى وصلا إلى طريق آمن تمر منه السيارات ليتم نقلها إلى المستشفى.كان اللغم الحوثي قد بتر قدم فاطمة تماما وكان أمام الأطباء مهمة وقف النزيف، فيما تعرض كفها الأيسر لتمزق استأصل الأطباء جزءا منه لإستحالة ترميمه، أما ساقها الأخر فقد تم تجبير كسورها الثلاثة بأكثر من 6 عمليات جراحية، كما أجريت لها نحو 9 عمليات تجميلية لزراعة الجلد والأنسجة.وطيلة ثلاثة أشهر ظلت في المستشفى تغالب آلامها القوية، والرعاية الطبية التي تلقتها أبقتها على قيد الحياة فقط لكنها لم تعدها إلى حياتها الطبيعية نتيجة ضعف القدرات الطبية، وتأثرها بالحرب التي تسببت بها مليشيات الحوثي.وبما أن زراعة الأنسجة نادرة في تعز فقد تعرضت أنسجتها للإلتهاب من جديد وكانت أمام خيارين مرين إما بتر القدم الثانية أو السفر إلى الخارج.لكن الحظ ابتسم أخيراً لفاطمة وسافرت إلى مصر لطلب العلاج على نفقة السلطة المحلية، وطيلة ثمانية أشهر عاد لها أمل عدم بتر قدمها قبل ان تعود إلى بلدتها الريفية.تقول فاطمة التي انفصلت عن زوجها قبل عامين لـ"منبر المقاومة": لم أكن أعرف ما هي الألغام، بل ان التحذيرات بشأنها كنت قد نسيتها تماما.تضيف، الحادثة المروعة جعلتني اعيش نصف حياة، حيث لا أستطيع التنقل داخل المنزل من دون استخدام الكرسي المتحرك ولو فكرت في بيع كافة الأغنام التي كنت أرعاها فلن تعوضني قدمي التي فقدتها.يتذكر والد فاطمة أنه تلقى تحذيرات عدة من الأهالي من وجود الألغام المميتة في تلك المنطقة، وعندما كانت تتساقط مياه الأمطار كانت تجرف التربة لتظهر قطع حديدية إلا أنه كان يجهل خطورتها.كان ذلك الرجل وأسمه أحمد، يعمد إلى تغطية الألغام التي تكشفها مياه الأمطار بالأشجار الشوكية لكي يعرف موضعها ويتجنبها لاحقا مع اعتقاده انها ليست خطيرة بالقدر الذي تبنى عليها تحذيرات الأهالي.وكثيرا ما احتمى مع ابنته من مياه الأمطار داخل منازل مهجورة، ليرى بداخلها ألغامًا مختلفة تحيط بهما واخرى وضعت على حالها داخل تلك المنازل. كثافة الألغام التي زرعتها المليشيات في تلك المنطقة، تسببت في إصابة ثمانية أبرياء وجميعهم بترت أقدامهم فيما قضى رجل وإمرأة حياتهما بتلك الأجسام المميتة.
 

ذات صلة